التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تاريخ الميدان

تاريخ الميدان 


حي الميدان في مدينة دمشق هو أكبر أحياء دمشق مساحة ً وسكانا. وهو إلى ذلك أقدم أحياء المدينة خارج السور، إذ تعود بداياته الأولى إلى العصر الأموي. حين كانت أرضه ميداناً لسباقات الخيل والفروسية. وكان الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك يحضر سباقات الخيل التي كانت تقام في أرض هذا الميدان الفسيح، حسبما ذكر الكاتب عيسى اسكندر المعلوف في إحدى دراساته حين قال: (وعقد الوليد بن عبد الملك ميداناً لسباق الخيل. ولا يزال ذلك المضمار إلى يومنا يعرف بالميدان. وهو من أحياء المدينة المشهورة في غربها الجنوبي). كما كان يخيم بأرض الميدان منذ ذاك العصر زوار المدينة كالقوافل التجارية والقادة والأمراء ممن تضيق المدينة القديمة داخل السور عن استيعابهم، وشكلت هذه المخيمات النواة الأولى لتشكل هذا الحي العريق.
ولقد ورد ذكر حي الميدان في العديد من كتب المؤرخين في مراحل تاريخية مختلفة. ومن أقدم ذكر للحي في العهد الفاطمي جاء على لسان المؤرخ الدمشقي أبي علي القالنسي في كتابه (ذيل تاريخ دمشق في حوادث سنة 363هـ - 973م). وفي هذا الكتاب يشير القالنسي إلى أن أقدم معلم أثري في حي الميدان هو جامع (الفلوس) يعود إلى العهد الفاطمي. أما المؤرخ بن عساكر، فقد أورد ذكر حي الميدان في كتابه (تاريخ مدينة دمشق)، حين قال: (حارة الميدان المعروفة بالمنية). لكن أكثر ذكر للميدان كان في كتاب (حوادث دمشق اليومية) للشيخ أحمد البديري الحالق، عندما ذكر الحي فيه مرات كثيرة، وفي حوادث مختلفة، مثل خروج محمل الحج وتعرض حي الميدان للقصف والنهب والتدمير وغير ذلك من الحوادث، كما سيمر معنا. وبسبب هذا التاريخ الطويل لحي الميدان والعهود الكثيرة التي مرت عليه وعلى دمشق، لن يكون غريباً أن  يكون غنياً بالأوابد الأثرية والمعالم الحضارية من مساجد وزوايا صوفية وأسواق تجارية متخصصة وحمامات وغيرها من المعالم الحضارية كما سيمر معنا. هذه المعالم التي جعلت الميدان من أهم أحياء دمشق وأكثرها أصالة وغنى بحوادث التاريخ. وربما السبب الأبرز في تلك الأهمية التاريخية التي يأخذها حي الميدان، يتمثل في أن قافلة الحج الشامي كانت تعبر الحي في طريقها إلى الديار المقدسة في الحجاز، وعند عودتها منه، عبر الطريق الذي يعرف اليوم بشارع الميدان أو شارع السكة نسبة إلى سكة الترام الكهربائي الذي كان يسير عليها ، والسكة مازالت موجودة ومدفونة تحت الاسفلت الذي يغطي الطريق الآن، كما عرف بالطريق السلطاني بسب مرور الأمراء والسلاطين منه في طريقهم إلى الحج أو مصر أو فلسطين. وهذا مادفع بالحاجة في البداية إلى إنشاء أسواق لخدمة الحجيج، ومن ثم إنشاء الدور السكنية. وفي أيام العهد العثماني كان الحج يشكل  موكباً ضخماً، يضم الحجاج إلى بيت الله الحرام القادمين من الأناضول والبلقان والقوقاز وباكستان والهند وغيرها من المناطق اإلسالمية الأخرى، إضافة إلى الحجاج من مختلف المناطق السورية. وكانت دمشق مركز تجمع هذا الحجيج. ومنها ينطلق موكب الحج الضخم الذي يصل تعداده في بعض الأحيان إلى ستين ألف حاج. وكان موكب الحج الذي يترأسه ويسير في مقدمته والي دمشق العثماني، يعبر شارع الميدان من أمام تربة باب الصغير، ً مرورا بجامع باب المصلى، ليتوقف عند الزاوية السعدية في موقع سعد الدين في الميدان الفوقاني، ثم يكون الوداع عند بوابة الميدان في حفل رسمي وشعبي. 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مساجد حي الميدان

شهد حي الميدان إشادة الكثير من المساجد، معظمها  من نوع المسجد الجامع، وهو الذي تقام فيه صلاة الجمعة  ويصح فيه الاعتكاف. وهناك عدد قليل من المساجد التي  تقام فيها الصلوات الخمس فقط دون الجمعة. وأقدم  المساجد في حي الميدان يعود إلى العهد المملوكي. ومن  ثم العهد العثماني وصولاً إلى العصر الحديث. ويوجد  مسجد وحيد يعود إلى العصر الفاطمي وهو مسجد  (الفلوس) الذي يعتبر أقدم مساجد الميدان، موقعه مقابل  مسجد (تربة آراق) في منطقة الصحابة. ولم يتبق من  المسجد القديم إلا ٌ جزؤ من محرابه، بينما باقي المسجد  حديث، فهو مبني على طراز البيوت العربية القديمة.  وهومسجد صغير لايتسع إلا لعشرات المصلين فقط  وهو مسجد غير جامع، وليس فيه منبر. وسنقصر حديثنا  على المساجد ذات الطابع الأثري التي تعود إلى العهدين  المملوكي والعثماني، مع تعداد بقية المساجد الأخرى،  مع الإشارة إلى أن حي الميدان لايوجد فيه أي مسجد من  العهد الأيوبي أما أهم مساجد هذا الحي ذات الطابع الأثري فهي: جامع التينبية   يقع جامع التينبية على الجانب الشرقي لشارع الميدان،  في بداية الميدان الفوقاني مقابل زقاق الحطاب. بناه سي

مطاعم حي الميدان

من اكثر ما يميز حي الميدان شهرته بالاطعمة والحلويات فاصبح يحوي العديد من المطاعم و المحلات المعنية بتقديم الاطعمة والحلويات والمشروبات  فلا يقتصر على صنف محدد فيحوي جميع اصنفة الطعام الشرقية والغربية و الماكولات البحرية و المعجنات وجميع انواع الحلويات ايضا ولكن اكثر ما يميزه الحلويات الشرقية و خاصة في سوق الجزماتية . ويشتهر السوق ومنذ عشرات السنين بمحلات الحلويات السورية والمطاعم والمطابخ العريقة حيث تقدم الأطعمة الدمشقية الأصيلة والمشروبات من كافة الأنواع والألوان ويتفنن أصحاب محلات بيع الحلويات الدمشقية بطريقة عرض بضائعهم على واجهات المحلات، وذلك لجذب انتباه الناس. وسناتي على ذكر اشهر المطاعم في هذا الحي : مجمع Big 5 ويضم المجمع، مطعماً متخصصاً بالبيتزا هو الفطيرة الساخنة، وفرعاً جديداً لـفروج الزين إضافة لـمطبخ وحلويات عمار أبو الجدي، ومطاعم مختصة بالمعجنات والمشاوي والمأكولات السريعة.  مطعم المحبة: الذي يقوم بتقديم الماكولات الشامية كالفتة والمقادم والسجقات والفوارغ و الروس واللسانات مطعم باباي: هي عبارة عن سلسلة من المطاعم التي توفر جميع الوجبات، وا

موقع حي الميدان و حدوده في مدينة دمشق

موقع و حدود الحي : يقع حي الميدان إلى الجنوب الغربي من مدينة دمشق القديمة. ويمتد إلى الجنوب على شكل لسان طويل في غوطات دمشق الشرقية والغربية والجنوبية. بل إن بعض ً المؤرخين أعطوه تشبيها ً طريفا، فقالوا إن حي الميدان يمثل بالنسبة لدمشق القديمة ومجاوراتها الذيل بالنسبة للطائرة الورقية التي كنا نصنعها أيام زمان من القنب وورق الخياطة، ونطيرها في الساحات الواسعة. ويمتد الحي ً جنوبا لمسافة نحو اثنين ونصف كيلو متر. وكانت حدود الميدان الأصلي حتى أواخر الأربعينات من القرن العشرين على النحو التالي: من الناحية الشرقية: كانت تحد حي الميدان بساتين الغوطة التي كنا نطلق عليها (المزرعة)، وكان موقعها مكان الزاهرة القديمة اليوم، يليها من ناحية الشمال (الزفتية) التي كانت منطقة سكنية حيث بنائها المعماري. وإذا أردنا أن نضع ً حدودا دقيقة لشرق حي الميدان، فنقول إنه الطريق المستقيم الممتد من قبالة جامع الماجد. ويسير الطريق شمالاً إلى محاذيا (لمدرسة الفقهاء الصالحين)، وصولاً إلى محاذاة جامع زين العابدين من واجهته الشرقية. أما منطقة الزاهرة شرقي الميدان فتم البدء بإنشائها عام 1960م، في عهد الوحدة بين سوري